النرجسية ماهي وما اهم صفاتها وكيف يمكن التعامل مع صاحب هذه الشخصية

النرجسية : بين الانغماس في الصورة المثالية والواقع الرقمي

النرجسية من الصفات التي لفتت انتباه الباحثين وعلماء النفس عبر العصور، إلا أن تطور وسائل الاتصال الحديثة والشبكات الاجتماعية قد أضفى بُعدًا جديدًا على هذه الظاهرة. بعيدًا عن الصورة التقليدية للنرجسي الذي يلاحق الثناء في الحياة الواقعية، ظهر نوع جديد من النرجسية في العصر الرقمي، يتمحور حول تعزيز الهوية الشخصية عبر منصات الإنترنت والتفاعل الاجتماعي الافتراضي. في هذا المقال، سنتعرف على مفهوم النرجسية الحديثة وأثرها على الفرد والمجتمع، وكيف تأثر الشبكات الاجتماعية في تعزيز هذه الظاهرة. وماهي السبل المناسبة لتعمل معك الشخصية النرجسية؟ .

ما هي النرجسية؟

النرجسية هي “اهتمام استثنائي بالذات أو الإعجاب بها، خاصة المظهر الجسدي للشخص”. و الإفراط في حب الذات، والاهتمام بالمظهر الخارجي وتضخيم الفرد من أهميته وقدراته داخل المجتمع وفي المحيط الذي يعيش فيه .

النرجسية التقليدية والنرجسية الرقمية

النرجسية التقليدية تركز على الانشغال المفرط بالذات والشعور بالتفوق على الآخرين، مع رغبة مستمرة في الحصول على الإعجاب والتقدير. لكن العصرنة وتوسع الشبكات الاجتماعية، ظهرت “النرجسية الرقمية”، التي تتمثل في الشخص الذي يروج لصورة مثالية عن نفسه عبر منصات مثل “إنستغرام” و”فيسبوك” و”تيك توك” وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي. هذا النوع من النرجسية لا يقتصر على السعي وراء الثناء الشخصي فحسب، بل يرتبط أيضًا ببناء هوية رقمية تكون في كثير من الأحيان مشوهة أو مضخمة بشكل كبير، وغالب ما يبحث هؤلاء الأشخاص عن الثناء وللإعجاب من خلال وضع صور أو فيديوهات بشكل متكرر حتى درجة الهوس.

الشبكات الاجتماعية كمنصة لهذه الشخصية

توفر الشبكات الاجتماعية بيئة مثالية للأشخاص النرجسيين، حيث يمكنهم التعبير عن أنفسهم بحرية وبدون قيود، بل ويمكنهم مراقبة ردود الأفعال على منشوراتهم للحصول على تعزيز فوري من إعجابات وتعليقات. و الدراسات الحديثة أظهرت أن الأشخاص الذين يعانون من النرجسية الرقمية يعانون من مستوى عالٍ من الحاجة للإثارة والتقدير الفوري، ما يجعلهم يميلون إلى نشر محتوى يسعى لجذب الانتباه وتعزيز صورتهم الذاتية في عالم افتراضي بعيد كل البعد عن الواقع الاجتماعي.

النرجسية الرقمية وتأثيرها على الهوية الفردية

من أبرز آثار النرجسية الرقمية على الأفراد هو فقدان الارتباط بالهوية الحقيقية. فمع مرور الوقت، يمكن أن يتسبب الانغماس في صورة مصممة خصيصًا للشبكات الاجتماعية في أن يفقد الشخص الاتصال مع ذاته الحقيقية. قد يبدأ الفرد في التركيز على ما يجذب الآخرين أكثر من التركيز على جوانب شخصية حقيقية، مما يعمق الإحساس بالعزلة والفراغ الداخلي. وبالتالي الدخول في عالم من الاضطرابات النفسية التي يصعب التعامل معها في بداية الامر .

كيف يمكنك اكتشاف الشخص النرجسي؟

هناك الكثير من الطرق لمعرفة الشخص النرجسي سنذكر أهم النقاط التي أتى ذكرها على لسان المستشار البريطاني  تنيسيون لي، متخصص في اضطراب الشخصية النرجسية، حيث قال هناك تسعة معايير تشخيصية للمرض على النحو المنصوص عليه في دليل التشخيص والإحصاء في جميع أنحاء العالم.

يجب أن تتحقق خمسة معايير على الأقل كي يُصنف في خانة النرجسيين:

  • أن يكون لديه شعور مبالغ فيه بأهمية ذاته.
  • أن تكون لديه أوهام النجاح والقوة.
  • الإعجاب المفرط، الذي يجعله يؤمن بأنه فريد من نوعه.
  • الشعور بالاستحقاق.
  • أن يكون استغلالياً ويحسد الآخرين ولا يتعاطف معهم.
  • أن تدل مواقفه على التكبر والعجرفة.

ويقول تينيسون لي: “تُصنف حالة الشخص على أنها اضطراب، عندما يسبب اهتمامه المفرط، نوعاً من المعاناة أو المصاعب للمحيطين به”.

علاج اضطراب الشخصية النرجسية

علاج النرجسية ليس كباقي الامراض بل هو يكون سهل جدا فقط يجب أن يعترف الشخص النرجسي أن سلوكه ذاك منحرف، لكن مع الأسف لا يفعل ذلك.

يقول الدكتور لي: علاج اضطراب الشخصية النرجسية ليس بالأمر السهل على الإطلاق، إنه شكل من أشكال العلاج النفسي الصعب، لأن إقناع المريض بوجود مشكلة لديه أمر صعب جداً، فهم عامةً يعتقدون أن الآخرين يتحملون المسؤولية. لكن الخبر السار هو أن مستوى النرجسية ينخفض مع تقدم العمر.

التعامل مع النرجسية الرقمية

من المهم أن يتعلم الأفراد كيفية التوازن بين تفاعلهم مع الشبكات الاجتماعية والاحتفاظ بسلامتهم النفسية. يمكن أن يتضمن ذلك تحديد وقت محدد لاستخدام منصات التواصل الاجتماعي، والتأكد من أن التفاعل مع الآخرين يتم بطرق حقيقية وأصيلة. كما أن الاهتمام بالصحة النفسية والبحث عن طرق لتحسين مفهوم الذات بشكل غير مرتبط بالاعتراف الرقمي يمكن أن يسهم في تقليل آثار النرجسية الرقمية. وافضل حل هو تقليل الاستعمال وسائل التواصل الاجتماعي وعدم جعل ذلك العالم الافتراضي هو مبدأ الحياة هناك واقع يجب التعايش معه , لهذا يفضل الوعي بخطورة هذا المرض اذا تطور أكثر من اللازم وأخد الحيطة والحدر في التعامل مع مثل تلك المواقف.

الانعكاسات الاجتماعية للنرجسية الحديثة

على المستوى المجتمعي، يمكن أن يؤدي انتشار النرجسية الرقمية إلى تعزيز ثقافة فردية تركز على المظاهر والانطباعات السطحية، مما يقلل من التركيز على القيم المشتركة والعمل الجماعي والتعاون المثمر بين الافراد . كما أن التنافس المستمر على تقديم صورة أفضل على الإنترنت يمكن أن يساهم في زيادة مستويات القلق والاكتئاب لدى الأفراد، خاصة بين الشباب الذين يرون أن حياتهم يجب أن تكون مثالية كي تُقبل في المجتمع الرقمي. وبالتالي شعور الشخص بانه مرتبط بذاك العالم وغير قادر على التخلص منه .

الخاتمة

النرجسية الحديثة ليست مجرد ظاهرة نفسية، بل هي انعكاس للتغيرات الثقافية والتكنولوجية التي طرأت على المجتمع. مع ذلك، يمكن أن يكون لفهم هذه الظاهرة والتعامل معها بشكل صحي أثر إيجابي على تعزيز العلاقات الإنسانية والهوية الفردية. من خلال توعية الأفراد بالأبعاد النفسية والاجتماعية للنرجسية الرقمية، يمكننا بناء مجتمع يتسم بالمزيد من الاتصال الإنساني الحقيقي وليس المظاهر المضللة على الإنترنت. هل تعتقد أن النرجسية تتشارك مع الشخصية الميكافيلية في بعض الصفات أم انها تميل الى شخصية السيجما, شاركونا أراكم في التعليقات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *